Thursday, October 9, 2014

العمارة كموحد للشعوب - تجربة البيت الواحد


هل العمارة توحد الشعوب؟


بعيدا عن المثالية في الإجابة على هذا السؤال...لكن عندما نجد ان "كرة قدم" قد ساهمت جزئيا في توحيد إقليم برشلونة "الطامح للانفصال" عن اسبانيا ضمن دولة موحدة كي تبقى المنافسات الكروية كما هي. افلا يمتلك اي نتاج معماري من توحيد الشعوب ضمن فكرة اكثر سموا؟

نبدا من المجتمع، يلاحظ ان المشاكل السياسية والدينية تتسع، وهذا المشاكل ليست بين التابعين للاديان السماوية فقط ولكن أيضا للطوائف والجماعات ضمن الدين الواحد وصل لحدود ان يقتل الانسان -(وهو كائن حي بامر من الخالق "في معتقداتهم") - أخيه الانسان بناء على فكر يناقض أفكار القاتل. تماما كما تفعل الفايروسات والميكروبات في جسم الانسان والكائنات أخرى حينما تفتك باي شيء يعيق تقدمها لمجرد ان يعارضها. لكن حتى الميكروبات "بوحشيتها" قام المعماريون بتوحيدها في تصميم متحف يجمع اغلب ميكروبات العالم تحت سقف واحد في أمستردام / هولندا مؤخرا عبر جهد استغرق 12 عاما من العمل والاجتهاد، بل وتم ايضا تقديم فوائد المكروبات اكثر من المضار في ذات المتحف. ورغم ان اعداد الميكروبات اكثر من عدد سكان الأرض باضعاف مضاعفة، لكن كانت تجربة جمع نماذج منها وزيادة المعرفة عن قرب تبشر بثروة علمية كبيرة.



بالعودة للعمارة، غالبا ما يعتبر برج ايفل وباريس رمزا من رموز الرومانسية، وجزر فينيسيا رموزا للجمال، وسور الصين العظيم كرمز للقدرة البشرية اذا ما توحدت بفكرة واحدة، وبرج خليفة في دبي رمزا للتحدي الهندسي لقوانين القوى المؤثرة بالمباني لكونه اعلى نقطة ارتفاع عن الأرض حاليا. ولا يفوتنا ان الكعبة اقدس رمز وبقعة من رموز المسلمين على اختلاف طوائفهم ورغم اختلاف البيئات التي ترعرعوا فيها وهي مثال حي على تطبيق الفكرة. وعلى الرغم من التباين من الموقف بين مشروع واخر لكن الفكرة ناتجة عن قرار جماعي للمجتمع وهي "الوحدة الفكرية".


 وهذا القرار الجماعي للمجتمع لم يتم فرضه على المجتمع، أي ان فكرة وحدة الرأي لا تتحقق بالقوة بل بسياسة التأثير والاقناع او التجربة والسلوك، يشير كارل ماركس في نظرية الاستعمار "وهو نوع من أنواع فرض الرأي" لا يمكن استعمار مجتمع ما ولديه معارضة فكرية، وان المعارضة الفكرية للمجتمع اشد على المستعمرين من المعارضة الجسدية. وهذا الامر استثمره اليهود وهم ينفذون المتحف اليهودي في برلين والذي يجسد مجازر الهولوكوست التي قامت بها القوات النازية في مراحل ذكرها التاريخ بعدها، هذا المتحف تم تشييده في المانيا لإحداث التأثير والاقناع المطلوب. بينما يحدث لأقوام أخرى الاف المجازر وبشكل ابشع لكنهم لم يستثمروا تلك في تحشيد الرأي لأثارة التعاطف وقد يقوموا بتصميم نصب بائس في موقع مهمل ولا نفع او تأثير له.
صورة لواجهة المتحف توضح ضربات السيف كاستعارة للالم
صورة للمسارت المتعرجة للمبنى لتجسد فكرة الطرق الصعبة التي سلكوها للنجاة
صورة للمرت الضيقة للتاثير بعدم الراحة على الزائر وتجسيد الضربات بالجسد بالجسور المائلة
ارضية الممرات الخارجية على شكل وجوه كتجسيد للناس وهم يصرخون الموت



فكرة جريئة جدا في العاصمة الالمانية برلين أيضا، ولجمع الديانات السماوية الثلاث، يتعاون مسلمين ويهود ومسيحيين لبناء مكان يستطيع أن يصلي فيه الجميع يطلق عليه "البيت الواحد"، وهو اول مجمع للعبادة يجمع اتباع تلك الديانات السماوية تحت سقف واحد في العالم وسيحتل مجمع الأديان المزمع إقامته مكانا بارزا في ساحة "بيتريبلاتس" في وسط برلين.


تمت إقامة مسابقة للتصميم المعماري للمبنى وبالفعل أختيار الفائز. وسوف يضم هذا المكان تحت سقف واحد مسجدا ،معبدا يهوديا وكنيسة.  بناء من الطوب يتوسطه برج مرتفع، وفي الفناء بالأسفل ستكون أماكن الصلاة للديانات الثلاث المعبد والكنيسة والمسجد. ويشرح المصمم الفائز بالمسابقة "ويلفريد كوهين" أن الأماكن المخصصة للديانات الثلاث ستكون متساوية في المساحة، لكن بأشكال مختلفة. وكل مساحة صُممت وفقًا للاحتياجات التي يقتضيها الدين الذي تعبر عنه، أي خصائص كل عقيدة .

ونقلا عنه، اثناء بحثه وفريقه من المهندسين المعماريين عن التصميمات الخاصة بدور العبادة الثلاثة، اكتشفوا أن هناك أوجه شبه كثيرة فيما بينها إلى حد فاق توقعاتهم. وتابع كوهن "المثير هو أنك عندما ترجع إلى الماضي، تكتشف أنها تشترك في الكثير من الرموز الهندسية فهي لا تختلف عن بعضها البعض". وهي امر حقيقي ظهر في تحول بعض المباني الدينية من كنائس الى جوامع كما في كنيسة (آيا صوفيا) في تركيا او حالات معاكسة في دول أخرى ولم يكن بحاجة الى تغيير كبيرة تذكر.

مؤتمر اعلان المشروع ظهر فيه متدينون من الديانات الثلاث، والتصميم اعتمد التجريد وحذف عددا من العناصر التي تنتمي لكل الديانات كي لا يرمز لمجتمع معين، وقد تكون الكتب السماوية الثلاث المتجاورة كاستعارة شكلية للتصميم من الخارج. وهم بالتأكيد من المعتدلين كونهم اجتمعوا سويا، لكن يظهر ان المشكلة في تاويلات المجتمعات المتعصبة لهذا المبنى. وكيف سيتم البحث عن سبب لتكفير كل من يصلي او يقترب من هذا المبنى لاسباب قد تكون ثانوية نحن لا نستبق الاحداث، لكننا متاكدون من ان المثقفون لا يرفضون هكذا "وحدة مكانية" رغم الاختلافات الجزئية في الأفكار لتحقيق "وحدة فكرية". وهنا ستكون وحدة الرأي ان حدثت ناتجة عن التجربة والسلوك الناتج عن الاستخدام وليس الاقناع. وقد يكون المبنى يعيش في المثالية البعيدة عن الواقع ويصبح مزارا للـ"ملحدين" كمتحف وبالتأكيد سيفرحون ان فشلت التجربة.
 صورة مجسمة "للبيت الواحد"

No comments:

Post a Comment