ملاحظة: تم طرح الموضوع في المدونة بناء على طلب بعض طلاب المرحلة الثالثة للعام 2014-2015 - هندسة العمارة - الجامعة التكنولوجية
ان التطرق لموضوع مصدر الشكل له اهميتان, الاولى في
تحديد منهج التصميم الذي تتخذه العمارة لتحقيق نتاجاتها, والثانية عن طريق اضافة
وظيفة اخرى (تعبيرية, رمزية, دلالية) للنتاج, ففي حالة تشابه نتاجين في المحددات والوظيفة,
فان النتاج النابع عن مصدر يكون اكثر قبولا واداءا عن النتاج الذي يحقق وظيفة
الحماية فقط. كونه يساهم في اغناء الوظيفة الاساسية كماهية للشئ لو ماهية وظيفته,
او الاثنان معا.
تطرقت العديد من الدراسات إلى موضوع مصادر الشكل
المعماري من خلال وصفها لعملية اشتقاق
الشكل:-
اولا: صنف (Broadbent, 1991,) في دراسته (مصادر
الشكل) تبعاً إلى وجود اربع صيغ مختلفة لعمليات الخلق ممكن الاعتماد عليها في
تفسير اشتقاق الشكل المعماري وهي:
(1)
التصميم المنفعي (Pragmatic
Design) الذي يتم فيه اشتقاق الشكل من خلال الاختبار
التجريبي للانموذج المقترح بحيث يحقق افضل تكييف للبيئة والظروف الحضارية (اجتماعية
, سياسية , اقتصادية , جمالية .... الخ) مما يعني ان الشكل ناتج عن وظيفته
المقصودة.
(2)
التصميم النمطي (Typological Design) يشتق من
الشكل في هذا النوع بمرحلتين الأولى تحديد انماط سابقة والثانية تطبيق تلك الانماط
لاشتقاق الشكل ويتم تقبل المجتمع لتلك الأشكال بسبب الارتباط العرفي بتلك الأنماط
مما يعني ان مصدر الشكل هذا يعزى إلى النماذج المتعارف عليها في المجتمع.
(3)
التصميم بالمماثلة (Analogical Design) يتم اشتقاق
الشكل من خلال المشابهة الشكلية مع مراجع مختلفة اذ استخدم هذا النوع العديد من
المعماريين وحققوا ابداعات فردية ما زالت تذكر لهم فمثلاً برزت صدفة السرطان التي
استخدمها لي كوربزية في كنيسة رونشام وزنابق الماء التي استخدمها (فرانك لويد
رايت) في مصنع (Johnson Wax
Factory) . واخرى غيرها مما يعني ان
مصدر الشكل يعود إلى مراجع غير معمارية (طبيعية او من صنع الانسان).
(4)
التصميم القانوني (Canonical Design) يشتق الشكل
من خلال اعتماد أشكال هندسية. ايا كان مصدر الشكل الذي يعود إلى اسس ومبادئ هندسية
ورياضية. وبذلك يتبين تعدد المصادر الخاصة بالشكل المعماري وتشمل: ( جوانب تتعلق
بالوظيفة , نماذج سابقة من داخل حقل العمارة او خارجها , وقواعد أسس هندسية
وشكلية)
ثانيا: مصادر الشكل في الطبيعة فتشمل:
(1)
اشكال الطبيعة الحية: وتشمل الأشكال ذات الطبيعة العضوية كأشكال النبات
والحيوان, والذي يعرفها البيوليجيون بأنها محصلة تفاعل القوى الداخلية والخارجية
وعندما يصل تأثير القوى إلى حالة من التوازن فان الشكل يكون متكاملا.
أ-
الشكل في النبات: ان ما يميز الأشكال العضوية عن غير
العضوية هو وجود ظاهرة النمو في الأولى. فعلى الرغم من النمط البدائي والعلاقات
الثابتة في فيه الا أن مظهر النبات يعبر عن حالة موازنة في مجموع القوى المكونة
له. كما في الشكل (1),
استخدام
شكل الغابات
الطبيعية في تسقيف محطة القطارات الشرقية في ليسبون, البرتغال
(Santiago Calatrava, 1996)
ب-
الشكل في
الحيوان: ان الشكل في الحيوان اكثر تعقيدا مما في النبات بسبب تعددية أنماط الحياة
في الحيوان إضافة إلى التعددية المظهرية في شكل الحيوان. وأشارت دراسة (Whyte) إلى إمكانية تصنيف مظاهر شكل الحيوان إلى ثلاثة مفاهيم رئيسية هي,
(الاختفاء, التنكر, والإعلان). وان هذه العلاقة في مستويين:
·
في الاجراء (اي
في شكل الحيوان ذاته). شكل (2)
· في الكل (اي في شكل الحيوان
والبيئة).
صورة
التكوين النهائي لملحق محطة القطار في مطار ساتالاس, ليون, فرنسا يوضح استخدام شكل
الطائر.
(Santiago
Calatrava, 1994)
أ-
اشكال الطبيعة غير الحية: وتشكل هذه الطبيعة وتكويناتها مصدرا غنيا للمفكرين
والمصممين على مر العصور, ان جمال الاشكال مركب في الية الطبيعة ذاتها. فاشكال الجبال
والتلال الرملية تكون احمالها في الاسفل اعلى مما هو في الاعلى وهو يلائم مقطعها
الصغير في الاعلى والكبير في الاسفل. هذه الاشكال غير الحية قد تتخذ اشكالا هندسية
مثل اشكال البلورات الثلجية السداسية مما يزيد في جمالية تنوعها.
ثالثا: كشف (Candelsonas,
1980) عن
توجهين للعمارة , الأول التوجه النظامي (ٍSystem
Approach) الذي يفسر النتاج المعماري بأنة نتاج تطبيق نماذج إحصائية
رياضية للحصول على الشكل المعماري ثلاثي الأبعاد. بينما التوجه الثاني العمارة
كنظام للمعاني الحضرية (Architecture
as System of Cultural meaning) فقد فسر العمل
المعماري بأنه نتاج لعملية معالجة متخصصة للمعاني الحضرية ويركز على المفاهيم
المزدوجة نسبة إلى التشابه والاختلاف. وبذلك فأنه صنف مراجع الشكل تبعاً للتوجهات
الفكرية التي تتمثل حسب هذه الدراسة بأسس ومبادئ هندسية رياضية (توجه علمي منهجي)
, إضافة إلى المعايير الحضرية ( اجتماعية , اقتصادية , جمالية , رمزية .. الخ) (توجه
حضاري).
رابعا: اوضحت دراسة (Gelernter) خمس نظريات متنوعة لمصادر
الشكل المعماري امتداداً من الفكرة القائلة ان الأشكال نتاج الخيال المبدع للمصمم إلى
الفكرة القائلة إنها مشتقة من وظيفة ومناخ ما يلي:
(1)
نظرية الحتمية الوظيفية
( (2 نظرية روح العصر السائدة
(3)
نظرية الحتمية الاجتماعية _ الاقتصادية السائدة.
(4) نظرية الابتكار والابداع :تعطي صياغة إحساس او شعور خاص بالشكل لدى المصمم فهو يضع افكاراً قديمة بطريقة جديدة غير مسبوقة وهذا ما يدعى بالعبقرية الفردية. كما تفسر النظرية كيف ان الابنية المختلفة لاي معماري تظهر مواضيع وافكار متكررة بالرغم من اختلاف متطلباتها.
نماذج
من الترابط الحر (الطريقة الابداعية في التصميم)
(5)
نظرية الاسس والمبادئ العامة: تقترح اعتماد اشكال عالمية
معينة تمثل اساس العمارة الجديدة في العالم مهما اختلفت ظروف المشكلة التصميمية ,
المصمم , والثقافة وتشمل مرجعين:
أ-
الامكانيات الهندسية لشكل البناء التي تسمى (الانماط)
مثل ( الباسيليكا Basilica , الفناء او الباحة , الردهة , الصالة الكبيرة Atrium) وغيرها حيث تمثل اساس العديد
من النسخ الشكلية لذلك النمط .
الاسس والمبادئ
العامة للشكل وهي اكثر تجريداً وقابلية للتطبيق من الانماط وتتجسد في اسس الطرز
المعمارية الخمسة (Tuscan , Doric , Ionic , Corinthian ,
Composite) اذ ان كل طراز يعرض قواعد لنسب الاعمدة والفضاءات بينها
, السطوح القائمة على اعمدة نسبة إلى الاعمدة , تفاصيل الزخرفة والتزيين .. الخ.
كما تتجسد ايضاً في المبادئ العالمية للشكل المرئي وهي ( الايقاع, التناظر ,
النسبة , المقياس , التضاد , اللون .. الخ) وهذه قابلة للتطبيق عالمياً اكثر من
اسس الطرز المعمارية.
هذا الموضوع منقول من أطروحة الماجستير "الابعاد الادائية في العمارة" للباحث اوس جواد جعفر، الجامعة التكنولوجية، قسم الهندسة المعمارية, 2012. وتم طرحه بشكل اشمل مع مفهوم العلاقات ضمن فصل أداء التكوين الشكلي.