الصورة
الذهنية للمدن والدول عالميا
عندما يتم ذكر مدينة او
دولة ما امامنا فاننا وبشكل تلقائي نتذكر صورة ملازمة لتلك الدولة بناءا على
معلومات تلقيناها عنها او عن تجربة زيارتنا لها.. وقد يكون حاليا تاثرنا بالوسائل
الإعلامية اكثر من كل المؤثرات الأخرى. وقد يشاركني البعض
باريس – حيث يقيم الحب وتصنع العطور
هولندا – عاصمة الزهور والجمال والطبيعة
دبي – مركز استثمار عالمي ومن اكثر المدن ابهارا. بالإضافة لكونها "زرق ورق
"حسب وجهة نظر فد واحد.
بغداد – دار السلام "سابقا".. ارض الحضارات "سابقا" ...
منارة العلم والعالم "سابقا". بينما حاليا "لا تعليق"
من السبب؟
قد يكون الجهل سببا، وربما التزام الصمت إزاء هذا
الموضوع، او احيانا المحاولة المنفردة دون مساندة جهة ذات قوة، النتيجة غابت الصورة التي
نريد اظهارها للعالم عن اوطاننا، وبغياب أي صورة من صنع محلي مع غياب الاستراتيجيات
الموجهة Oriented Strategies من قبل
الدولة بعد عام 2003 فلا بد من بديل..
والبديل هو محطات الاخبار المسيسة. بلحقها أفلام هوليوود والبرامج التلفزيونية والالعاب
الكترونية التي تقدم اوطاننا الى المتلقي العالمي كما تريد هي وليست من وجهة نظر
محايدة، خاصة بعد فقدان "هواية القراءة" بين الجيل المعاصر عالميا (حسب
دراسة امريكية). يضاف الى ذلك صورتنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي المعاصرة التي أحيانا
تدمر المتبقي من صورة اوطاننا دون حتى ان نعلم بذلك.
هل البرامج الأكثر مشاهدة
عالميا تنصف مدننا؟
بالتأكيد كلا، فنحن لسنا
من اولوياتهم وليس لهم مصلحة مادية او نفعية في نقل صورة محايدة. فمثلا حينما تم
تصوير برنامج TOP GEAR بحضور جميع مقدميه (جيرمي كلاركسون، ريتشارد
هاموند ،جيمس ماي) اجبروهم على ارتداء
البدلات الواقية من الرصاص، مع خوذة حربية على رؤوسهم لزيادة الاثارة في البرنامج. وطلبوا منهم عدم خلع تلك
الملابس حتى الخروج من العراق بسياراتهم التي اشترونها محاولين التوجه بها نحو
إسرائيل عبر تركيا، هذه صورة لوطننا تظهر امام العالم في برنامج يتم ترجمته وعرضه
بعدة لغات ويعرض بتكرار في عدد واسع من الدول، وهو من البرامج الفكاهية والجدلية
والأكثر مشاهدة عالميا ومقدمي تلك البرامج من الشخصيات المؤثرة في الصورة
الإعلامية الغربية. لانهم يمزجون بين المعلومة وبين المزاح والهزل بلا قيود. وفي
نهاية البرنامج - وبعدما لم يصيبهم أي خدش في العراق – ذكروا انهم في أربيل وهي من
المناطق الامنة دون باقي المناطق.
فلم هندي ...سينما
اببلاش!!
يقال عن فلان "صار فلم هندي" أو "صار سينما
اببلاش" – تلك جمل يستعملها الشباب أحيانا لوصف حالة شخص بعد كشف موضوع سري
او موقف محرج جدا امام الناس. للأسف صارت بغداد فلم امريكي... وصرنا فلم له واردات
عالية جدا ومتربع قمة أفلام هوليوود لعدة أسابيع حتى الان. القصة هذا المرة مرتبطة
باحداث حقيقية من حياة قناص امريكي اسمه Chris Kyle, وقد خدم في الجيش الامريكي
الذي اقام في العراق بعد حرب 2003. وطالما ان الفلم يربط بين قصة حقيقية مع
التاثيرات النفسية فانه بالتأكيد سيعتبر اقرب الى برنامج وثائقي وقابل للتصديق
اكثر من البرامج الأخرى. يضاف الى ذلك كون الفلم حصل على جائزة افضل فلم لعام 2015
, وجائزة افصل اخراج للمخرج (كلينت ايستوود). ولكي ننصف الفلم فانه لا يخلو من
حقائق حدثت وتحدث الان لكنها ليست الصورة
المطلقة. اما من ناحية الصورة المعمارية فان الفلم اكد على وجود اشعة شمس قوية مع
وجود عاصفة ترابية (عجاجة) قبل نهاية الفلم. اما محاولات زرع النخيل في المغرب او
التحدث بالعربية للتقريب من الصورة المحلية فهي تنطلي على غير العراقيين فقط.
مادة دسمة...
اتذكر نقاشي قبل اكثر من
4 سنوات مع "وونغ" - وهو مراسل قناة CCTV الصينية - الذي تعرفت عليه لثناء تصوير لبرنامج عن عمارة بغداد وعن دور مواقع التواصل الاجتماعي في تلك النقاشات . وكان من المولعين بقصص الف ليلة وليلة. وذكر بلغته الانكليزية الجيدة انه يحب مشاهدة جميع القصص الكارتونية اليابانية عنها حتى بعدما دخل
المدرسة الثانوية. ولا اذكر اني شاهدت عملا فنيا محليا يتناول تلك القصص. وقد أكون
شاهدت فلما كارتونيا محليا اختفى عن الاعلام منذ دخول أفلام "ابطال الدجتال"
او "سبونج بوب" وغيرها من الأسماء الاستهلاكية التي ظهرت بكثرة للتسويق
لمنتجات شركات صنع دمى الاطفال.
حاليا لدينا الكثير من القصص التي تظهر في أفلام ومسلسلات وعالمية
منها NCIS,CSI,LOST. والشي
المشترك فيها هو الخطف او القتل او التعصب والتفجيرات. عمليا تلك السناريوهات
مقبولة لدى المتابع والمستقبل بسبب مقبولية الصورة السائدة للبلد كمصدر العنف، ولا يوجد من يقدم غير ذلك
كما تفعل بعض دول الجوار باستقبال تصوير افلا مثل Mission Impossible على أراضيها وتقيم مهرجانات
عالمية لهم.
اما القنوات الإخبارية فقد مارست كل أساليب الهدم
والتشويه والاستفزاز في العراق بعد الحرب. وظهرت لاحقا انها التزمت الصمت سابقا
لكونها مشموله بـ (اكراميات) وكوبونات نفط لتلميع الصورة. معتمدين على استنتاجات
وتوصيات رسالة جامعية لطالب دراسات عليا مقدمة الى كلية الاعلام /جامعة بغداد حول
اثر القنوات الإخبارية على اسقاط الدول ونشر الاشاعات. تعتبر تلك الرسالة من اهم
الرسائل العلمية الاعلامية لكن يعاب عليها ان مقدمها "العراقي" لم يعمل
بها وكان سلبيا تجاه بلده في نشر التشويه والاشاعات.
مقترح
ختاما، ان ما نفعله نحن
سيظهر للعالم ان كان سلبيا او إيجابيا. خاصة بعد دخول كافة تكنولوجيا العولمة حتى الى البيوت ولا بديل عنها. فاما ان يتم انتهاج الدولة لسياسية تثقيف بأهمية صورتنا الإعلامية
الحالية والتي ستكون كصورة ذهنية لنا وللعالم لاحقا.
وهذا بحاجة الى:
-
وجود خطة على مدى أجيال
على عاتق الوزارات المختصة.
-
زيادة الوعي والثقافة
والعلم كأساس للنقطة أعلاه.
-
قيام نهضة عمرانية حقيقة وشاملة بعد تحقيق النقطتين أعلاه.
-
اعتماد لوبي من خبراء لإيصال
الصورة او "تلميعها" بشرط تحقيق جميع النقاط أعلاه.
ملاحظة: هذه النقاط وجهة
نظر غير متخصصة. وعلى المتخصصين ان يقدموا ما لديهم.
رابط مقدمة عن الفلم